الاثنين، 14 فبراير 2011

قصة ابو الدرداء اي حكيم



نهض عويمر بن مالك الخزرجي المكنى بأبي الدرد اء من نومه مبكرا ، ومضى الى صنمه الذي نصبه في اشرف مكان في بيته ، فحياه ودهنه باانفس ماحواه متجره الكبير من الطيب ، ثم القى عليه ثوبا جديدا من فاخر الحرير .

ولما ارتفعت الشمس غادر ابو الدرداء منزله متوجها الى متجره ، فاذا بشوارع يثرب وطرقاتها تضيق بااتباع محمد ، وهم عائدون من (بدر) وامامهم افواج الاسرى من قريش ، فااعرض عنهم ، لكنه مالبث ان اقبل على فتى من الخزرج ساله عن عبدالله بن رواحه فقال له الفتى الخزرجي لقد ابلى في المعركة اكرم البلاء وعاد سالما غانما ، وطمانه عليه .

ولم يستغرب الفتى سؤال ابو الدرد اء عن عبدالله بن رواحه ، لما كان يعلم الناس جميعا اواصر الاخوة التى تربط بينهما ذلك لان ابوالدرد اء وعبدالله بن رواحة كانا متآخين في الجاهليه فما جاء الاسلام اعتنقة ابن رواحة واعرض عنه ابو الدرداء .

لكن ذلك لم يقطع مابين الرجلين من وثيق الاواصر اذ ظل عبدالله ابن رواحة يتعهد ابا الدرداء بالزياره ويدعوه الى الاسلام


وصل ابو الدرداء الى متجره وتربع على كرسية العالي وجعل يبيع ويشتري .. وهو لايعلم مايجري في منزله ...

ففي ذلك الوقت كان عبدالله بن رواحه يمضى الى بيت صاحبة ابو الدرداء وقد عزم على امر ..

فلما بلغ البيت رأى بابه مفتوحا وابصر ام الدرداء فقال :

السلام عليكِ بامة الله.

فقالت : وعليك السلام يااخا ابي الدرداء.

فقال : اين ابو الدرداء ؟
فقالت : ذهب الى متجره ، ولا يلبث ان يعود .
فقال : اتأذنين ؟
فقالت : على الرحب والسعه وافسحت له الطريق وانشغلت باصلاح شان بيتها ورعاية اطفالها.

دخل عبدالله بن رواحة الى الحجرة التى وضع فيها ابو الدرداء صنمه واخرج قدوما ومال على الصنم وجعل يقطعه به وهو يقول الا كل مايدعى من دون الله باطل .. الا كل مايدعى من دون الله باطل ...
فلما فرغ من تقطيعه غادر البيت .

دخلت ام الدرداء الى الحجرة التىي فيها الصنم ، فصعقت حين راته قد إذا قطعا واشلاءه مبعثره على الارض .. وجعلت تلطم خديها وهي تقول اهلكتنا ياابن رواحه.

لم يمض غير قليل حتى عاد ابو الدرداء الى منزله ، فراى امراته جالسة عند باب الحجرة التى فيها الصنم وهي تبكي وعلامات الخوف منه باديه على وجهها فقال ماشانك ؟... قالت :

اخوك عبدالله بن رواحة جاءنا في غيبتك ، وصنع بصنمك ماترى .فنظر الى الصنم فوجده حطاما ، فاستشاط غضبا ، وهم ان يثار له ، لكنه مالبث قليلا حتى هدأت ثأئرته ، وسكت عنه غضبه ، ففكر فيما حدث ثم قال : لو كان في هذا الصنم خيرلدفع الاذى عن نفسه .

ثم انطلق من توه الى عبدالله بن رواحة ، ومضيا معا الى الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعلن دخولة للاسلام ، فكان آخر اهل حيه اسلاما.

آ من ابو الدرداء منذ اللحظةِ الاولى بالله ورسولهِ ايمانا خالط كل ذرة في كيانه .

وندم ندما شديدا على مافاته من خير وادرك ادراكا عميقا ماسبقه الية اصحابه من فقه لدين الله وحفظ لكتاب الله وعبادة وتقوى ادخروهما لانفسهم عند الله .
فعزم على ان يستدرك مافاته بالجهد الجاهد وان يواصل الليل بالنهار حتى يلحق بالركب ويتقدم عليهِ .

فانصرف للعباده واقبل على العلم اقبال ظمآن على كتاب الله يحفظ كلماته ويتعمق فهم ايآته .

ولما راى التجاره تنغص عليه لذة العباده وتفوت عليه مجالس العلم تركها غير متردد ولا آسف.

وفي خلافة الفاروق رضوان الله عليه اراد من ابي الدرداء ان يتولى ولاية له في الشام فأبى فاصر عليه فقال ابو الدرداء:

اذا رضيت مني ان اذهب اليهم لاعلمهم كتاب ربهم وسنه نبيهم واصلى بهم ذهبت . فرضى عمر بذلك .

ومضى الى دمشق فلما بلغها وجد الناس قد اولعو بالترف وانغمسوا في النعيم فهاله ذلك ودعا الناس الى المسجد فاجتمعو عليهم فوقف فيهم وخطبه بهم وذكرهم بالاخره وبالله فجعل الناس يبكون حتى سمعه نشيجهم من خارج المسجد.

ومنذو ذلك اليوم طفق ابو الدرداء يؤم مجالس الناس في دمشق ويطوف بااسواقهم فيجيب السائل ويعلم الجاهل وينبه الغافل مغتنما كل فرصه مستفيدا من كل مناسبه .

فها هو ذا يمر بجماعه قد تجمهرو على رجل وجعلوا يضربونه ويشتمونه ، فااقبل عليهم وقال : ما الخبر؟!


قالوا : رجل وقع ذنب كبير.

قال : ارايتم لو وقع في بئر افلم تكونوا تستخرجونه منه ؟.

قالوا : بلى

قال : لاتسبوه ولا تضربوه وانما عظوه وبصروه ، واحمدو الله الذي عافاكم من الوقوع في ذنبه .

قالوا : افلا تبغضه؟!

قال : انما ابغض فعله ، فاذا تركه فهو اخي .

فاخد الرجل ينتحب ويعلن توبته .

وهؤلاء جماعه من الشبان جلسوا على الطريق يتحدثون وينظرون الى المارين فيقبل عليهم ويقول :

يابني ، صومعة الرجل المسلم بيته ، يكف فيه نفسه وبصره ، واياكم والجلوس في الاسواق فانه يلهي ويلغي .

وظل ابوا الدرداء في دمشق يعظ اهلها ويذكرهم الكتاب والحكمه حتى اتاه اليقين ...


فلما مرض مرض الموت ، دخل عليه اصحابه ، فقالوا : ماتشتكي؟

قال : ذنوبي .

قالوا : وما تشتهي ؟ .

قال : عفو ربي.

ثم قال لمن حوله : لقنوني : لااله الا الله محمد رسول الله . فما زال يرددها حتى فار ق الحياه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق